قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالباري بن عواض الثبيتي – في خطبة الجمعة – : المتأمل في الكتاب والسنة يجد حشدا من النصوص الشرعية والتي ترسخ الإيمان باليوم الآخر في النفس والحياة وتجعله ركيزة من الركائز التي يجب ألا تغيب عن الأذهان ولا تنسى في خضم مشاغل الحياة وصوارفها وهذه النصوص الكثيرة الوافرة عن اليوم الآخر تجلي أهميته في مسيرة حياتنا فهو الحارس من الردى والمانع من الهوى والمحصن من الشر والدافع لكل أبواب الخير، وإذا ضعف الإيمان باليوم الآخر تجرأت النفس وتقحمت دروب الشر والفساد.

وأضاف : الإيمان باليوم الآخر وما أدراك ما اليوم الآخر؟، أحد أصول الدين ومن أركان الإيمان هو حق وحقيقة ومآل لا مناص منه ولا محيد عنه وكثيرا ما يذكر في الكتاب والسنة الإيمان بالله متبوعا بالإيمان باليوم الآخر تأصيلا وتأكيدا للارتباط والتتابع والتلازم، لأن الإيمان بالله ابتداء والإيمان باليوم الآخر انتهاء، يبدأ اليوم الآخر وبأمر الله بأحداث لا قبل للبشرية بها تنشق السماء وتتصادم الكواكب وتتناثر النجوم وتنفجر البحار وتذوب الجبال، وإذا ذكر اليوم الاخر تقاطرت في الذهن المشاهد الجسام والأحوال العظام التي هي من مقتضيات الإيمان باليوم الآخر، البعث من القبور، الحساب والجزاء، الصراط والميزان الشفاعة والحوض، وتطاير الصحف بالأعمال، والجنة والنار، وهناك من يكون كنف الرحمن ويكرمون بالنظر إلى وجهه الكريم، وأقوام يتذوقون الحسرة والخسران وأبلغ وصف للحال في ذلك اليوم قوله تعالى : ” يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه “.

وقال : يضعف أثر الإيمان باليوم الآخر وتذبل ثمرته في الحياة حين يفقد المبنى المعنى وينكمش مدلوله وينحصر في دائرة الثقافة والمعرفة الذهنية أو يبقى حبيس مشاعر تتأجج لحظة ثم تنطفئ لا تردع عن شر ولا تحفز على طاعة فقد تتلى الآيات وتروى الأحاديث عن اليوم الآخر ولا يكون لها رصيد فاعل في حياتنا وأثر إيجابي في سلوكنا وتهذيب إيماني في تعاملاتنا، والعجب ممن يدعيه بلا عمل ويزعمه بلا امتثال، ومن آمن باليوم الآخر عمل بمقتضاه، ولو قلبت صفحات المصحف وتأملت سور القرآن وآياته فستأخذك الدهشة لذلك الربط الشديد لكل الأعمال صغيرها وكبيرها باليوم الآخر، وللآثار الجمة التي تتجسد في حياتنا ويحدثها الإيمان باليوم الآخر.