قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. علي بن عبدالرحمن الحذيفي – في خطبة الجمعة – : إن حقوق الوالدين مع ما في القيام بها من عظيم الأجور والبركة فهي من مكارم الأخلاق وأكرم الخصال التي يقوم بها من طابت سريرته وكرم أصله وزكت أخلاقه، وجزاء الإحسان الإحسان، والمعروف حقه الرعاية والوفاء، والجميل يقابل بالجميل ولا ينكر المعروف والجميل إلا منحط الأخلاق ساط المروءة خبيث السريرة، قال الله تعالى : ” ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير “، وقال الله تعالى عن عيسى عليه الصلاة والسلام : ” وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا “، وعن يحيى عليه السلام : ” وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا “.
وأضاف : اعلموا أن أعمال العباد لهم أو عليهم لا ينفع الله طاعة ولا تضره معصية، قال الله تعالى : ” من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون “، وأداء الحقوق الواجبة على العبد نفعها في آخر الأمر يعود إلى المكلف بالثواب في الدنيا والآخرة، والتقصير في بعض الحقوق الواجبة على المكلف أو تضييعها وتركها بالكلية يعود ضرره وعقوبته على الإنسان المضيع للحقوق المشروعة في الدين لأنه إن ضيع حقوق رب العالمين فما ضر إلا نفسه في الدنيا والآخرة فالله غني عن العالمين، قال تعالى : ” إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم “.
وتابع : حق الرب الذي يجب حفظه هو التوحيد وقد وعد الله عليه أعظم الثواب، ومن ضيع حق الله عز وجل بالشرك به واتخاذ وسائط من دونه يعبدهم ويدعوهم لكشف الضر والكربات وقضاء الحاجات والنصر والرزق ويتوكل عليهم فقد خاب وخسر وأشرك وضل سعيه لا يقبل الله منه عدلا ولا فدية، ويقال له : ادخل النار مع الداخلين إلا أن يتوب من الشرك، وفي الحديث : ” يقال للرجل من أهل النار لو أن لك ما في الأرض هل تفتدي به من النار فيقول : نعم، فيقال له : قد أمرت بما هو أيسر من ذلك، وقد أخذت عليك وأنت في ظهر آدم فأبيت إلا أن تشرك بي “.